Tuesday, February 10, 2009

سيناريوهات اليوم التالي للانتخابات العامة في إسرائيل



أربعة خيارات أمام الليكود وكاديما لتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة


محمد عبود
كلمة السر في الانتخابات الإسرائيلية التي تجري اليوم هي "حماس- ليبرمان". حركة حماس تسيطر على الخطاب الانتخابي، بنفس القدر الذي تمتلأ فيه أجواء المعركة الانتخابية في إسرائيل بلغة أفيجدور ليبرمان الحماسية، أو إن شئت الدقة لغة زعيم حزب إسرائيل بيتنا العنصرية.

الحرب الأخيرة على غزة كانت ومازالت موضوع استغلال من الجميع. وزير الدفاع ايهود باراك يهدد بتكرار الهجوم على غزة، وبنيامين نتانياهو زعيم الليكود يعد بالقضاء على حكم حماس فور وصوله للسلطة، أما أفيجدور ليبرمان فقد أدرك بحسه الفطري أن زيادة عدد مقاعد حزبه في المعركة الانتخابية يرتبط طرديا برفع منسوب هجومه على العرب. واختار منذ اللحظة الأولى توجيه طلقاته الكلامية في ثلاثة اتجاهات: مصر، وحماس، وعرب 48.

قبل زيارة ليفني الأخيرة إلى القاهرة تهجم على الرئيس مبارك لرفضه زيارة إسرائيل، وبعد وقف إطلاق النار في القطاع، هدد حركة حماس بالإبادة إذا لم تفرج عن الجندي جلعاد شاليط. واتهم عرب 48 بأنهم طابور خامس داخل الدولة العبرية، وأخطر من حركة حماس.
ليبرمان الدب الروسي أو الحصان الرابح في الانتخابات الإسرائيلية بات يمثل ظاهرة مهمة يمكن الاستدلال من خلالها على المناخ المتطرف الذي يسود إسرائيل حاليا. استطلاعات الرأي ترشحه للحصول على 19 مقعد، ليكون القوة الثالثة في الكنيست بعد الليكود وكاديما، ومتفوقا على حزب العمل المؤسس التاريخي لإسرائيل.



يمنح الرأي العام الليكود في الاستطلاعات من 26- 28 مقعدا. ويحاصر حزب العمل (رغم ما يبديه من تطرف) عند 17 مقعد تقريبا. ولا يتوقع المراقبون أن يحصل حزب "ميريتس" أكثر قوى اليسار الإسرائيلي إخلاصا لفكرة التسوية مع العرب على أكثر من 6 مقاعد.
بينما تحصد أحزاب يمينية ودينية مثل شاس على 10 مقاعد، والاتحاد القومي 3- 4 مقاعد، وتحالف المفدال- البيت اليهودي 3 مقاعد، ويهدوت هتوراه 5 مقاعد، لتصل كتلة اليمين القومي والديني في إسرائيل إلى حوالي 67 مقعدا. فإذا أضفنا إليه حزب كاديما ذو المزاج اليميني في الفترة الأخيرة (قادت حكومة كاديما حرب تموز 2006، والحرب على غزة في غضون عامين). فنحن أمام كتلة يمينية في الكنيست تتجاوز الـ 80 مقعدا من أصل 120 مقعد في الكنيست الثامنة عشرة التي ستضم غالبا 8 مقاعد فقط لصالح الأحزاب العربية التي تمثل نحو 20% من السكان!



في ظل هذه الأجواء اليمينية المحمومة، وسيطرة اليمين القومي والديني على حوالي 83% من مقاعد دورة الكنيست المقبلة. يبدو أن بنيامين نتانياهو زعيم حزب الليكود المتقدم في استطلاعات الرأي أقرب المرشحين لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وعلى الرغم من الكثافة اليمينية المتوقعة داخل الكنيست القادمة، إلا أن خيارات بنيامين محدودة في أربعة سيناريوهات، يمكن تطبيق اثنين منهما في الساحة السياسية بإسرائيل.




السيناريو الأول:
يتجه بنيامين نتانياهو للتحالف مع القوى الحزبية اليمينية داخل الكنيست لتشكيل حكومة مستقرة، ومعفية من هجمات المعارضة، واقتراحات حجب الثقة، بفضل حمايتها بجدار عازل يتألف من حوالي 67 عضو كنيست (النصف + ستة). وتتألف هذه الحكومة من أحزاب: (الليكود وإسرائيل بيتنا، وحركة شاس، ويهدوت هتوراه و الاتحاد القومي، والمفدال).

وهو سيناريو يستحيل تنفيذه عمليا، فمن ناحية لن يتمكن نتانياهو أو غيره من السيطرة على الخلافات التي ستنشب على الحقائب الوزارية بين هذه الكتل صاحبة التوجهات الأيديولوجية والدينية. الأمر الذي سيؤدي لانسحابات من الحكومة، واستقالة نتانياهو أو سقوط حكومته في أول اقتراع على حجب الثقة في الكنيست، كما حدث لحكومة باراك عام 2000. ومن ناحية ثانية، لايسمح المناخ الدولي والإقليمي، والتغيرات الحاصلة في البيت الأبيض، لرئيس الوزراء الإسرائيلي القادم بتشكيل حكومة يمينية الطابع على هذا النحو. قد تجره إلى صدام مع الساكن الجديد في البيت الأبيض، وتفرض عليه عزلة دولية، وإقليمية. وتقود العلاقات المصرية الإسرائيلية بما لها من أهمية بالغة في إسرائيل إلى مستويات انحدارية غير مسبوقة.



السيناريو الثاني:
ويبدو هذا السيناريو هو الأرجح، والأكثر قابلية للتطبيق في الظرف الإسرائيلي الراهن. إذا نجح بنيامين نتانياهو في الحصول على خطابات توصية موجهة للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس، من زعماء أحزاب إسرائيلية قادرة على تشكيل الائتلاف. سيلجأ زعيم الليكود إلى تكوين حكومة (يمين- وسط) تضم الليكود والعمل وإسرائيل بيتنا، وشاس. وهي حكومة تمتلك قدرة أكبر على الاستقرار اعتمادا على حوالي 72 مقعد في الكنيست (النصف +12) وقادرة على الاستمرار حتى لو حدثت بعض الانسحابات المحدودة من الائتلاف الحكومي. ويستطيع نتانياهو عبر هذا الائتلاف أن يقود السفينة الإسرائيلية دون يصطدم بواشنطون والعواصم العربية المهمة، وفي مقدمتها القاهرة. وبالفعل بدأ نتانياهو خطوات جدية في هذا الاتجاه عبر الاتفاق الذي تسربت بعض تفاصيله مع ايهود باراك وحزب العمل، واتفاق اللحظات الأخيرة مع الدب الروسي أفيجدور ليبرمان.

السيناريو الثالث:
قد يتجه نتانياهو بعض انتهاء الانتخابات إلى حكومة أكثر استقرارا عبر دمج حزب الليكود في ائتلاف قوي يضم كاديما والعمل وشاس. ويستند إلى حوالي 78 مقعد في الكنيست. غير أن هذا السيناريو قد يفجر خلافات هائلة على الحقائب الوزارية المهمة بين أعضاء الكنيست عن الأحزاب المشاركة في الحكومة. كما أنه يصعب الاتفاق على وضع قانون أساس يحفظ استقرار حكومة متباينة الاتجاهات. وتتجاهل هذه التركيبة الحكومية القوة الثالثة في الكنيست التي يمثلها حزب المهاجرون الروس بزعامة ليبرمان الذي قد يسبب مشكلات جدية لأية حكومة إذا جلس على مقعد زعيم المعارضة بالكنيست. وفي نفس الوقت يحرم هذا السيناريو بنيامين نتانياهو من فرصة نادرة للانتقام من حزب كاديما الذي حال بينه وبين رئاسة الوزراء في الانتخابات السابقة. ويراهن بعض المراقبين للساحة السياسية في إسرائيل على أن خروج كاديما من تشكيل الحكومة القادمة قد يعجل بانهيار الحزب، وعودة أعضائه إلى أحزابهم الأصلية التي غادروها لركوب "مركب شارون" التي قادتهم إلى شاطئ الحكم في إسرائيل لمدة 4 سنوات متتالية.



السيناريو الرابع
قد يصح أن يطلق عليه سيناريو الأزمة..فهناك مخاوف في صفوف الليكود من اطمئنان أنصارهم لنجاح الحزب في الانتخابات. ومن ثم قد تتكاسل أعداد منهم عن الذهاب لصناديق الاقتراع يوم العاشر من فبراير الجاري. الأمر الذي يعزز فرصة التعادل في عدد المقاعد بين حزبي الليكود وكاديما (الفارق حتى كتابة هذه السطور 3 مقاعد). علاوة على أن ليفني تحسن مواقعها كلما اقترب موعد التصويت. ويراودها الأمل في الحصول على نصيب كبير من الأصوات العائمة التي يقدرها الخبراء بحوالي 10 مقاعد في الكنيست لتقلب الطاولة على رأس نتانياهو. لو تمكنت ليفني من تحقيق التعادل في عدد المقاعد ساعتها فقط سيضطر بنيامين نتانياهو للقبول بحكومة تناوب. يمارس فيها دور رئيس الوزراء لمدة عامين، وتتولى ليفني المنصب عامين آخرين. على أن يتناوبا مقعد وزارة الخارجية الإسرائيلية، أو يقبل نتانياهو بمقعد وزارة المالية بعد انتهاء ولايته رئيسا للوزراء. وائتلاف من هذا القبيل سيضم بلا شك حزب العمل بزعامة ايهود باراك الذي يعد القاسم المشترك في كل الائتلافات الحكومية الممكنة في إسرائيل.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker